الأمن في منظور المدرسة النقدية

الممارسة الاحترافية

تتقاطع في العالم عدة منظومات أمنية تعمل في مجالي الاستخبارات، والاستخبارات المضادة، ومن أبرزها منظومة “إيكيلون” (ECHELON)، التي أسستها وكالة الأمن القومي الأمريكي (NSA) للتجسس على كافة وسائل الاتصال في العالم، وتعمل من خلال نظام عالمي لرصد البيانات، يتم تشغيله من قبل مؤسسات استخبارية تتبع للدول الخمسة الناطقة بالإنجليزية، وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وبريطانيا، وأستراليا، ونيوزيلندا، وذلك وفق اتفاقية تعاون استخباراتي يعود تاريخها إلى عام 1947.

ويقوم نظام “إيكيلون” بجمع البيانات عبر تثبيت تقنيات متطورة في مواقع مختلفة من الكرة الأرضية، بهدف اعتراض البث المرسل من وإلى الأقمار الصناعية التي يبلغ عددها 25 قمراً من نوع “فورتكس”، و7 أقمار من نوع “إنتلسات”، و3 أقمار “بيرد”، وتدور هذه الأقمار ضمن مدارات متفاوتة الارتفاع.

ولتعقب أنظمة الاتصال الأرضية تم تأسيس مجموعة من المحطات في كل من: الولايات المتحدة الأمريكية، وإيطاليا، وإنكلترا، وتركيا، ونيوزلندا، وكندا، وأستراليا، حيث يستخدم نظام “إيكيلون” معدات “تحتمائية” خاصة يتم تركيبها على الكوابل التي تحمل المكالمات الهاتفية، فيما تُستخدم مجموعة من الطائرات المسيرة لاعتراض الاتصالات التي لا تصل إليها وسائل الاعتراض التقليدية.

وبالإضافة إلى وسائل الرصد والتعقب المذكورة؛ فإن المنظومة الاستخباراتية تستخدم عملاء سريين مدربين على تثبيت أدوات للتصنت وجمع المعلومات في المواقع التي لا تتوفر فيها التقنيات المتطورة، حيث يتم جمع المعلومات وإرسالها إلى مواقع معالجة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية بالقرب من مدينة دنفر بولاية كولورادو، وفي مراكز سرية ببريطانيا، وأستراليا، وألمانيا.

كما تقوم منظومة  “إيكيلون” بمراقبة عمليات الإرسال التي تتم عبر الإنترنت، عبر برمجيات التنقيب عن المعلومات وأدوات الرصد المتطورة التي تعمل عبر محرك بحث يعمل من خلال الكلمات المفتاحية، وقد أسهمت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في تطوير برنامج “أويسيز” (Oasis) لتعزيز تقنيات تحويل الصوت إلى نص، إذ يمكن لهذا البرنامج أن يميز صوت المتحدث وأن يحدد جنسه، بالإضافة إلى برمجية “فلوينت” (Fluent) التي تتيح مجال البحث في المواد المكتوبة بلغات غير الإنجليزية باستخدام كلمات مفتاحية إنجليزية، إضافة إلى الترجمة الآلية للمادة التي يتم رصدها.

ويعتبر برنامج “الزوبعة” (TEMPEST) من أبرز المشاريع المثيرة في جعبة “إيكيلون”، إذ إنه يلتقط إشارات من أجهزة الحاسوب المستهدفة مثل: نقرات المفاتيح وصور الشاشات، ومن ثم يتنصت عليها عن بعد، وذلك باستخدام تقنيات تعتمد على التقاط الموجات الإلكترومغناطيسية.

وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستثمر في تطوير تقنيات التنصت عبر العالم؛ حيث تخصص نحو 3,5 مليار دولار لعمليات الرصد والتجسس، وتستخدم نحو عشرين ألف موظف داخل وكالة الأمن القومي، وتستعين بنحو مئة ألف عميل في مختلف أنحاء العالم لجمع المعلومات. علماً بأن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تعمل من خلال اتحاد يطلق عليه ” مجتمع الاستخبارات”، ويضم 16 وكالة حكومية فيدرالية، بالإضافة إلى 1,271 منظمة حكومية و1,931 شركة خاصة، يعملون في مهام أمنية مختلفة، ويضم مجتمع الاستخبارات الأمريكية نحو 854,000 موظف يحملون تراخيص سرية.

ويطلق على منظومة “إيكيلون” كذلك اسم “العيون الخمسة” (Five Eyes)، والمعروفة اختصاراً باسم (FVEY)، وهي واحدة من منظومات شبكية، تتضمن:

– منظومة “العيون الخمسة زائد ثلاثة”، وتشمل الدول الخمسة بالإضافة إلى: فرنسا، وألمانيا، واليابان، وتعمل على جمع معلومات ضد روسيا والصين وكوريا الشمالية بصورة خاصة.

– منظومة “العيون التسعة” التي تضم إلى الدول الخمسة كلاً من: الدنمارك، وفرنسا، وهولندا، والنرويج.

– منظومة “العيون الأربعة عشر”، والتي تشمل الدول السابقة بالإضافة إلى: بلجيكا، وألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا، والسويد.

ويمكن ملاحظة انخراط معظم أجهزة الاستخبارات اليوم في شبكات دولية، حيث تعمل الاستخبارات الأمريكية بصورة وثيقة مع نظرائها في بريطانيا التي تمتلك الأجهزة الأعرق والأكثر احترافاً في العالم، فيما تحاول الاستخبارات الفرنسية منافسة شبكة الوكالات الأمنية الناطقة بالإنجليزية من خلال مد شبكة خاصة بها، عبر “المديرية العامة للأمن الخارجي (DGSE)، بهدف جمع معلومات استخبارية من مصادر أجنبية للمساعدة في اتخاذ القرارات الإستراتيجية والعسكرية، ولديها نحو 5000 عميل ينتشرون في مختلف أنحاء العالم، وتتبع لها مجموعة من المكاتب الداخلية والخارجية، ولديها شبكة واسعة من التحالفات، خاصة في العالم العربي حيث تعمل الاستخبارات الخارجية الفرنسية مع نظرائها من خلال عدة نوادٍ أمنية تضم عدداً من دول المنطقة.

وتوفر الوكالة شبكة راديو محمية مخصصة للعسكريين، فيما توفر للعملاء المدنيين أرقاماً “خضراء” (مجانية) للاتصال بالقيادة من أي مكان في العالم، وتتم الاتصالات بواسطة إرساليات عالية الموجات عبر الأقمار الصناعية، علماً بأن باريس تمتلك سمعة مرموقة كعاصمة للاستخبارات، حيث ينشط فيها ما بين 10 آلاف و15 ألف عميل سري من مختلف أنحاء العالم، ويوجد في فرنسا اليوم نحو ثلاثين وكالة أمنية فرعية تعمل في مختلف المجالات، كمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة الجريمة الدولية وتهريب المخدرات، وجرائم الانترنت، وأبحاث الجريمة، وحماية الأنظمة المعلوماتية.

التمرد على النظريات التقليدية

وتقدم الأنشطة الشبكية للمنظومات الأمنية الدولية صورة مغايرة لما تقدمه النظريات التقليدية التي تُغرق في مسائل التنظير، وتخوض غمار عدد من التخصصات البعيدة عن الممارسات الأمنية كل البعد.

ونظراً إلى تنامي الحاجة إلى ردم الفجوة القائمة بين الممارسة والتنظير؛ برزت “المدرسة النقدية للأمن” (critical security studies theory)، والتي عمد أقطابها إلى نقد النظريات التقليدية، وإلى إضافة عناصر جديدة ترفد المؤسسات الأمنية وتعزز مفاهيم الممارسة والاحتراف، وضمت ثلاثة تيارات، هي:

1- “مدرسة كوبنهاجن للدراسات الأمنية”: والتي استقطبت جيلاً من الباحثين الغربيين الـذين غطـت أعمالهم طيفاً واسعاً من القضايا الأمنية، هدفت في مجملها إلى فك الارتباط بين مفهومي “الأمن” و”الأمن الدولي”، حيث تم استحداث مفهوم “الأمن المجتمعي”، و”الفعل التواصلي للأمن”، أو ما أصبح يطلق عليه “نظرية الأمننة” (Securitization Theory).

2- “مدرسة أبرستويث للدراسات الأمنية النقدية”: والتي أصبحت مـع بداية التسعينيات معقل المقاربة النقدية للأمن، وسعت إلى تقديم تـصور إيجـابي لمفهوم الأمن على أساس انعتاق الأفراد (Emancipation)، والدعوة إلى تعزيز الإنسانية في الدراسات الأمنية، وتشكيل وعي ذاتي لمحاربة مهددات الأمن المجتمعي.

3- “مدرسة باريس للدراسات الأمنية”، والتي ظهرت في مطلع التسعينيات، وتميزت بدعوتها إلى تعزيز برامج العمل الاحترافي في مجال الأمن (Professionals Security)، وإلى إدماج الجهات المعنية في قطاعات الأمــن كالعسكريين، والخبراء، والتجار، والمحللين النفسيين، وخبراء علم النفس الاجتماعي، وعمدت إلى إعمال نظرية المباريات في التحليل الأمني، بدلاً من حصره في إطاره الفلسفي النظري.

وتمثلت أبرز إسهامات هذه المدارس في النقاط التالية:

1- التركيز على الفرد كموضوع مرجعي لدراسة الأمن: على اعتبار أن حماية الإنسان هي الهدف الأساس من العملية الأمنية برمتها، وأن الوحدة التحليلية الرئيسية لموضوع الأمن هي تحرير الإنسان من مصادر التهديد محلياً ودولياً، وأن الفاعل الأساسي هو الإنسان، وتأتي الدولة بعده، وبذلك فإنه لا يمكن امتهان كرامة الإنسان من أجل بقاء الدولة التي وجدت من أجل حمايته.

2- تغليب البعد الاجتماعي: نظراً لأن الأمن هو بناء اجتماعي، يتغير بتغير وجهات الفاعلين ويتأثر بتحولات المشهد الدولي، إذ إن النظام الدولي مبني اجتماعياً وليس مادياً، فيما تتحدد سلوكيات الدول بناء على التحولات التي تطرأ على بنيته.

3- تقديم بديل للتعامل النظري التقليدي، الذي يغلب “الفوضى” في العلاقات الدولية، من خلال استحداث مفهوم: “الجماعة الأمنية”، والتي تشير إلى أنماط من التعاون لتحقيق سياسات “الطمأنة” وتحقيق قدر أكبر من السلام.

4- تقديم الأمن باعتباره حالة من “الانعتاق”: وهو المجال الذي تميزت فيه مدرسة أبرستويث، معتبرة أن تحرير الأفراد والجماعات هو الأساس المعياري للأمن، بالإضافة إلى تحديد المخاطر الناجمة عن نشاطات وسياسات بعض الجماعات البشرية التي يمكن أن تهدد السلام العالمي، والدعوة إلى تحرير الإنسان من سائر مظاهر التمييز، وتأمين البشر من المهددات التي تمس حرياتهم وحقوقهم الأساسية.

5- توسيع مفهوم الأمن ليشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وربط القضايا الأمنية بعقلانية السلوك الأمني باعتباره مسعى لتقديم خيارات وبدائل لصناع القرار أكثر من كونه سعياً لبلورة أطروحات ذات طابع نظري-فلسفي.

6- الاهتمام بكيفية تحقيق الأمن، وخاصة مدرسة باريس التي انتقدت اقتصار النظريات على تعريف الأمن، ففي حين انطلق الواقعيون من أسئلة لماذا؟”، بحثاً عن الدوافع المحركة للسياسات الأمنية، ومحاولة الإجابة على تساؤلات محورية مثل: “لماذا تقوم الحروب؟”، على سبيل المثال؛ فإنّ أقطاب المدرسة الباريسية بذلوا جهداً أكبر في نقل تلك التساؤلات إلى الجانب العملي عبر تقديم أسئلة كيف؟”، على نسق: “كيف يمكن منع وقوع الحروب؟”، على سبيل المثال لا الحصر.

وبناء على ذلك فقد استبعدت “المدرسة النقدية” فكرة أولوية الدولة، واتخذت من الفرد وحدة أساسية للتحليل، وتميزت ببذل جهد أكبر في تحديد الأدوات والوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق أمن البشر كأشخاص مستقلين (أفراد)، وكمواطنين في الدولة التي يجب أن تحمي أمن أفرادها، وكأعضاء في مجتمع إنساني يتعين حمايته من المخاطر المشتركة كالتدهور البيئي والاقتصادي، والحروب النووية وأسلحة الدمار الشامل، وغيرها من المخاطر التي تهدد الوجود الإنساني.

 

مدرسة كوبنهاغن

مدرسة أبرستويث

مدرسة باريس

مرجعية مفهوم الأمن

الأمن كفعل كلام

الأمن كانعتاق

الأمن كتقنية حكومية

موضوع التهديد

المجتمع

الفرد

الجماعية السياسية

القيم المهددة

الهوية المجتمعية

حق الأمن للأفراد

النظم المجتمعية

من يقوم بتوفير الأمن

النخبة السياسية

المحلل الأمني

شبكات مهنيي الأمن

كيف يتحقق الأمن

نزع الأمننة

التحرر من التفكير والعمل تحت الظروف الأمنية

تكثيف تقنيات المراقبة وإدارة المخاطر

مقارنة مفهوم الأمن لدى تيارات المدرسة النقدية

المدرسة الباريسية وهموم الممارسة

وعلى الرغم من مشاركة مدرسة باريس في جهود توسيع مفهوم الأمن ليشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إلا إنها تميّزت باهتمامها في الجوانب العملية، حيث تكونت أساساً من شخصيات عسكرية وأمنية عملت على تقديم تصورات حول مختلف القضايا الأمنية المرتبطة بعلاقة العقلانية الأمنية بالسلوك الأمني والقرار الأمني والحالة الأمنية؛ بهدف تقديم الخيارات والبدائل لصناع القرار أكثر من كونه سعياً لبلورة مقاربات نظرية بحتة.

ونتيجة لذلك فقد مثلت “المدرسة الباريسية” النموذج الأمثل لتقصي الأبعاد المهنية-الاحترافية للدراسات الأمنية، والتي تتضمن: الأعمال الشرطية، وروابط التعاون والتنسيق بين مؤسسات الدولة، والمراقبة البشرية والإلكترونية، وحوكمة المهام الأمنية، وتحديد الأنشطة التعاونية للأجهزة الأمنية عبر الحدود، وخاصة منها مؤسسات: الشرطة، والدرك، والجمارك، وحرس الحدود، وإدارة السجون، والاستخبارات، ومكافحة التجسس، ووكالات الهجرة، وما يتعلق بأعمالها من مهارات وتقنيات تُمكنها من القيام بأعمالها على أحسن وجه.

وأسهمت بدورها في معالجة الخلط بين المضامين التعريفية والاصطلاحية للأمن، واستخداماتها الخاطئة، وفي إزالة اللبس بين ثلاثة مصطلحات، هي:

1- “الأمن” (security): الذي يُعرّف بمفهومه اللغوي البسيط على أنه: “الشعور بالطمأنينة والأمان من قبل الفرد والجماعة”، فيما يهدف البعد الأكاديمي منه إلى منع اللجوء إلى العنف، ومعالجة أسباب الحروب والنزاعات قبل وقوعها.

2- “الاستخبارات” (intelligence): والذي يشير إلى القطاع المعني بجمع المعلومات من مصادرها، ومن ثم تحليلها، بهدف الدفاع عن الأمة من الأخطار الخارجية، التي تستهدف إضعاف البلاد، حيث تعتمد كل دولة على منظومة استخباراتية مختلفة، يراوح معظمها في إطار الأجهزة التالية:

1

مديرية المباحث والأمن

2

دائرة الاستعلام والأمن

3

المديرية العامة للاستخبارات

4

جهاز الأمن الوطني

5

الأمن الوطني الإستراتيجي

6

إدارة البحث الجنائي

7

المخابرات العامة

8

الاستخبارات العسكرية

9

جهاز الأمن الداخلي

10

جهاز الأمن الخارجي

أبرز أجهزة الاستخبارات

3- الجاسوسية (Espionage): وهو القطاع المعني بعمليات التجسس التي تقوم بها بعض الأجهزة للحصول على معلومات ليست متوفّرة عادةً للعامّة، من خلال اتباع طرق ملتوية وغير تقليدية، حيث يعمل الجاسوس عادة في الخفاء، أو تحت مظهر وهمي، ويستخدم تقنيات متطورة للحصول على معلومات عن عمليات الجهات المعادية، وخاصة فيما يتعلق بالموارد الطبيعية، والبنى التحتية، وبرامج التصنيع، والقدرات العسكرية، وبرامج التسلح، ومكافحة التجسس.

مدرسة كوبنهاغن والقطاعات الخمسة للأمن

وفي مقابل اهتمام “المدرسة الباريسية” بالجوانب الاحترافية؛ عكف باحثوا مدرسة “كوبنهاغن” على تحليل الأمن الإقليمي وخاصة في “الدول النامية” التي يعاني معظمها من تداخل مفاهيم: “الأمن العام”، و”الأمن القومي” و”الأمن الوطني”، حيث يقع الخلط في بعض المصنفات بين “الأمن العام” و”الأمن الوطني”، واللذين يمكن التمييز بينهما في ما يلي:

1-الأمن العام: أحد أهم الوظائف التي تضطلع بها السلطات الحاكمة، وتتضمن؛ حماية المواطنين والمنظمات والمؤسسات من التهديدات التي تواجه سلامتهم ورفاهية مجتمعاتهم، كالكوارث البيئية والجريمة المنظمة والمهددات الخارجية، وتوفير الموارد المعلوماتية والمالية والبشرية والخبرات والإمكانات لتحقيق ذلك. وتسند هذه المهمة إلى جهاز مستقل يطلق عليه “جهاز الأمن العام” الذي يتعاون مع مختلف مؤسسات الدولة.

2- الأمن الوطني: والذي يُعرّف بأنه: “حالة من الاستقرار تتمتع بها الدولة والنظام الحاكم، بحيث يمكن تحقيق النمو والتطور والبقاء لهذه الدولة، وتتضمن جملة من المبادئ والقيم النظرية والأهداف الوظيفية والسياسات العملية المتعلقة بتأمين وجود الدولة، وسلامة أركانها، ومقومات استمرارها واستقرارها، وتلبية احتياجاتها، وضمان قيمها ومصالحها الحيوية، وحمايتها من الأخطار القائمة والمحتملة داخلياً وخارجياً، مع مراعاة متغيرات البنية الداخلية والإقليمية والدولية”.

ووضع كتاب باري بوزان “الناس، الدول والخوف، إشكالية الأمن القومي في العلاقات الدولية” الأسس التي قامت عليها مدرسة كوبنهاغن لتعريف الأمن من أبعاده الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والغذائية، والصحية، والبيئية، وغيرها من قطاعات الأمن الإنساني. واشتهرت في الوقت ذاته باستحداث خمسة قطاعات للأمن، هي: الأمن العسكري، والأمن السياسي، والأمن الاقتصادي، والأمن المجتمعي، والأمن البيئي، وتركيزها على مفهوم المركّبات الأمنية المشتركة ومفهوم الأمننة.

وأسهمت تلك المدرسة في تعزيز المفاهيم الإنسانية في القطاع الأمني، حيث ظهرت قطاعات مهمة في “الأمن الوطني” تتناول قضايا: “السلامة” و”الموثوقية” و”الاعتمادية”، بحيث باتت الدول ملزمة بالحفاظ على الأمن البشري من خلال إدارتها للمؤسسات الأمنية التالية:

1

الأمن العام

2

أمن المطارات والطيران

3

أمن الموانئ والسواحل

4

الأمن الغذائي

5

أمن البنى التحتية

6

الضمان الاجتماعي

7

الشرطة والشرطة الفيدرالية

8

التحقيقات الجنائية

9

أمن السجون

10

الحراسات وحماية الأفراد والمنشآت

11

الإنقاذ والدفاع المدني

12

الوثائق الرسمية والهوية الشخصية

13

إدارة المخاطر والكوارث والأزمات

14

أمن الفضاء الإلكتروني

15

أمن التطبيقات والحوسبة

16

الاستخبارات والمعلومات

17

أمن الشبكات

18

أمن الموارد

19

أمن الحدود

20

الأمن السكاني

21

أمن الكوارث

22

أمن الطاقة

23

الأمن الجيوإستراتيجي

24

الأمن الصحي

أبرز الأجهزة المعنية بالقطاع الأمني في الدولة

واحتل النقاش حول معنى وأهمية الأمن لتشكيل الجماعات السياسية مكانة مركزية في الدراسات الأمنية النقدية التي ركزت على العلاقات بين الأمن والسياسة، حيث رأت بعض الدراسات النظرية والتجريبية أن الأمن يشكّل الفعل السياسي.

كما أدرج النقديون مواضيع أخرى لم تتناولها النظريات التقليدية للأمن، مثل حقوق الإنسان والتنمية وحماية الإنسان، وانتقدوا تركيز “الواقعية الجديدة” على فكرتي الفوضى وانعدام الثقة في العلاقات الدولية، وارتكازها على الدولة كموضوع مرجعي للأمن، ورأوا أن “الفرد” يجب أن يكون هو الموضوع المرجعي الجدير بالدراسة، على اعتبار أن العمل على حماية الكائن البشري هو الوسيلة الأنجع لتحقيق الأمن الشامل.

وبناء على ذلك فقد طرحت المدرسة النقدية مفهوم “الأمن الإنساني” هدفاً أساسياً للبحوث الأمنية، انطلاقاً من كون الفرد هو المرجع والهدف الأساسي للأمن، واعتبرت أن “الدولة” هي مجرد وسيلة لتحقيق وحماية أمن الأفراد والمؤسسات.

ويمكن ملاحظة استعمال أقطاب المدرسة النقدية مصطلح “الفرد” رديفاً لمصطلح “الإنسان”، وذلك على اعتبار أن الأمن الإنساني هو الدفاع عن أمن الفرد بقيمه ومصالحه، وذلك على الرغم من اختلافهم في تحديد الفاعل في مسألة التأمين، حيث رأى بعضهم أنها البنى الاجتماعية، ورأى آخرون أن الفاعل هو الفرد، واعتبر تيار ثالث أن الفاعل هو الإنسانية ككل.

وتمثل الإسهام الأبرز لباري بوزان في استحداثه مفهوم “المركب الأمني” (regional security complex) للتعبير عن التعاون الأمني بين دول إقليمية، والذي عرفه بأنه: “مجموعة من الدول التي ترتبط اهتماماتها الأمنية الأساسية إلى درجة أن أوضاعها الأمنية الوطنية لا يمكن النظر إليها واقعياً بمعزل عن بعضها البعض”.

الرؤية

شباب سوري واعٍ، يشارك في صنع القرار السياسي، ويسهم في صياغة مستقبله، وينافس في شتى ميادين التنمية، لتحقيق ما يتطلع إليه لرفعة وطنه وازدهار مجتمعه

الرسالة

مركز فكر إلكتروني يعمل على إدماج الشباب السوري في مجالات صنع القرار، واحتضان طاقاتهم الكامنة وإبداعاتهم الفكرية والبحثية، وتمكينهم من المساهمة الفاعلة في التنمية وبناء المجتمع، عبر التأسيس لثقافة التميز، وتحفيز المسؤولية، وترسيخ روح المبادرة، لدفعع مسيرة التقدم والازدهار

المشرف العام: د. بشير زين العابدين

وسائل التواصل الاجتماعي

جميع الحقوق محفوظة – شارك شباب © 2021